ما هو لزوم الفداء لغفران الخطايا؟

ما هو لزوم الفداء لغفران الخطايا؟ 

 
أعزائي الباحثين،
 
صحيح ان الله كامل في ذاته وانه الغفور . وكمال الله يعني انه لا يمكن لصفة موجودة فيه ان تعمل على حساب صفة اخرى او تعطلها او تلغيها . لنأخذ مثلا صفتي الرحمة والعدل لدى الله له المجد ، ونرى كيف عملتا معا بتوافق عجيب لصالح تمجيد اسمه المبارك وفداء الانسان الخاطىء .
 
لقد اخطأ الانسان الى الله . ولكي يكون الله عادلا كان يجب ان يدين الانسان بالموت الابدي " لان اجرة الخطية هي موت " (رسالة رومية ٦ : ٢٣) . لكنه لو فعل ذلك لكانت صفة العدل ابطلت صفة الرحمة والمحبة والنعمة عند الله . وحاشا له ان يكون هكذا. ولو ان الله تعامل مع الانسان الخاطىء بالرحمة والمحبة والنعمة فقط متغاضيا عن خطاياه التي تستوجب الادانة ، لكانت هذه الصفات ابطلت صفة العدل فيه . وحاشا لله ان يكون هكذا ايضا . فما العمل اذن لفداء الانسان واظهار محبة الله ورحمته وعدله في نفس الوقت؟ الفداء كان هو الجواب . وفيه اظهر الله كماله العجيب والفريد من خلال محبته ورحمته وعدله .
 
دعنا نتابع خط سير الفداء منذ البداية . لقد حذر الله آدم من ان الموت سيكون نصيبه اذا هو اكل من الشجرة التي نهاه عن الاكل منها . الا ان آدم عصى وصية الله واكل من الشجرة بتحريض خبيث من الشيطان عبر حواء . فكان العدل يقضي بان ينفذ الله حكم الموت بحق آدم وحواء . ولكن ما فعله الله اظهر فيه محبته ورحمته تجاه آدم وحواء ، على رغم ان عدله اخذ مجراه ايضا ، وذلك من خلال ذبيحة ذبحها الله وألبس آدم وحواء جلدها فستر عارهما الذي اكتشفاه كأول نتيجة لنتائج الخطية التي صنعاها (أنظر سفر التكوين ٣ . وعلى مدى العصور ، كان الانسان يتقدم الى الله من خلال ذبيحة لينال الرضى الالهي والغفران . لان الذبيحة تعبر عن استحقاق مقدمها للموت نتيجة خطاياه ، وانه بتقديم الذبيحة يكون كمن دفع اجرة خطاياه من خلال نفس حية بديلة غير مخطئة ، فيتمتع برحمة الله الذي لا يمكن لعدله ان ياخذ اجرة الخطية مرتين . ولكن الذبائح الحيوانية لم تكن في ذاتها لترضي الله كثمن يدفع لقاء العفو عن خطايا الانسان التي اهانت مجد الله . ولكنها كانت تشير في مدلولها الى الذبيح الاعظم شخص ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القدوس الطاهر البار " حمل الله الذي يرفع خطية العالم " (يوحنا ١:٢٩)  الذي تجسد في العالم في الوقت المعين من الله ليأخذ مكان الانسان الخاطىء في مواجهة العدالة الالهية ، كونه الوحيد في كل الكون من يستطيع ان يدفع اجرة الخطية بالموت ثم يقوم ، لانه البار الذي لا يوجد للموت سلطان عليه لكي يمسكه لانه بلا خطية . ففي صليب المسيح ظهرت محبة الله ورحمته وعدله في ذات الوقت ، فتمجد الله ونجا الانسان الذي يؤمن بالمسيح المخلص من الدينونة الابدية . فلزوم الفداء يا عزيزي هو لكي يظهر الله كماله المطلق كالغفور والرحيم والعادل في نفس الوقت .
 
اما عن التوبة ، فانها لازمة ايضا. صحيح ان الله صنع فداء للانسان الخاطىء ، الا ان الاستفادة من هذا الفداء لا تتم الا باعتراف الخاطىء بخطاياه وندمه عليها ، مؤمنا بمن فداه وراغبا من كل قلبه ان لا يعود للعيش في الخطية والشر . فلا يمكن التمتع بالفداء بدون توبة . ومن ضمن معاني التوبة ايضا تغيير الاتجاه . فانا قبل الحصول على الفداء بالايمان كنت اسير في طريق الشر والابتعاد عن الله . ولكن عندما حصلت على الفداء تغير خط سير حياتي ليصبح في اتجاه البر والقداسة والقرب من الله وذلك بمعونة الروح القدس الذي سكن قلبي عند قبول المسيح بالايمان كمخلصي من الخطية والهلاك، فعدم التوبة هو الحيثية التي سيُدان على اساسها الانسان الخاطىء بالهلاك الابدي كما يقول الكتاب " ام تستهين بغنى لطفه وامهاله وطول اناته ، غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة . ولكنك من اجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة ، الذي سيجازي كل واحد حسب اعماله " (رسالة رومية ٢: ٤-٦).
 
ان الفداء الالهي اعلن مع حصول اول خطية فعلها اول انسان خلق على الارض . فالله في رحمته فدى الانسان وأفهمه ان الذبائح هي الوسيلة التي بها يتمكن من الاقتراب الى الله . فلم يكن هناك فترة في التاريخ البشري لم يكن فيها فداء ، على الرغم من تغير طريقة الفداء في المسيحية عما كانت في اليهودية، الا انها لا تزال مرتكزة على نفس مبدأ الذبيحة . فقد كان الفداء متاحا لجميع الناس كما اليوم تماما .
 
نشجعك على وضع ثقتك في شخص المسيح الفادي بالايمان لكي تنال رضى من الله وغفرانا لخطاياك . له المجد والكرامة والسلطان الآن والى ابد الآبدين . آمين.