المسيح والحياة الأبدية
الشيء الرائع والعجيب الذي يميز المسيحية هو أن الحياة الأبدية فيها هي شخص. وقبول هذا الشخص بالإيمان هو قبول الحياة الأبدية نفسها. وهذا الشخص هو المسيح يسوع إبن الله الذي قال عنه الكتاب "فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس" (يو ١ : ٤)، و"نعلم أن إبن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في إبنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية " (رسالة يوحنا الأولى ٥ : ٢٠). وقد جاهر المسيح بحقيقة كونه مصدر حياة البشر الأبدية مرارا ً كثيرة " ... أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي" (يوحنا ١٤ : ٦)، و "قال لها يسوع أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي ولو مات ( جسديا ً) فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد (روحيا ً) “ (يوحنا ١١ : ٢٥ و٢٦)، و" الحق الحق أقول لكم، من يؤمن بي فله حياة أبدية. أنا هو خبز الحياة ... أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي اأنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يوحنا ٦ : ٤٧ - ٥١). لذلك، فمن الطبيعي أن يكون نوال الحياة الأبدية هو من خلال الإيمان بالمسيح يسوع كالفادي والمخلص الذي بذله الله من أجل هذه الغاية "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل إبنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا ٣ : ١٦). كما أن نوال الحياة الأبدية من خلال الإيمان بالمسيح هو المشيئة التي يريدها الله للبشر كما قال الرب "لاأن هذه مشيئة الذي أرسلني أن كل من يرى الإبن ويؤمن به تكون له حياة أبدية، وأنا أقيمه في اليوم الأخير" (يوحنا ٦ : ٤٠). وبالتالي، فإن مخالفة هذه المشيئة سيؤثر سلبا ً على مصير الإنسان الأبدي لأن "الآب يحب الإبن وقد دفع كل شيء في يده. الذي يؤمن بالإبن له حياة أبدية. والذي لا يؤمن بالإبن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله" (يوحنا ٣ : ٣٥ و ٣٦). فمن لا يؤمن بالمسيح لنوال الحياة الأبدية هو كمن يرفض شهادة الله عن إبنه في هذا الأمر "وهذه هي الشهادة أن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في إبنه. من له الإبن فله الحياة. ومن ليس له إبن الله فليست له الحياة" (رسالة يوحنا الأولى ٥ : ١١ و١٢). وعليه، فإن من يرفض هذه الشهادة فقد جعل الله -له المجد- كاذبا ً " ... لأن هذه هي شهادة الله التي قد شهد بها عن إبنه. من يؤمن بإبن الله فعنده الشهادة في نفسه. من لا يصدق الله فقد جعله كاذبا ً لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن إبنه " (رسالة يوحنا الأولى ٥: ٩ و١٠). إذا ً، لا مجال إطلاقا ً أمام البشر إلا الإيمان بالمسيح يسوع إبن الله لنوال الحياة الأبدية.
المسيح والولادة الروحية
الكتاب المقدس يعلمنا أن كل إنسان إنما هو ميت روحيا ً في الذنوب والخطايا، وأنه بدون ولادة روحية جديدة لن يتمكن أحد من الحصول على الرضى الإلهي أو التمتع بالبركات الروحية الأبدية. والولادة الروحية هذه تتم من خلال إنسكاب روح الله القدوس في قلب الإنسان عند إيمانه بالمسيح يسوع ربا ً ومخلصا ً. وهذه الولادة تعني أن المؤمن قد حصل على طبيعة جديدة تتوافق مع طبيعة الله القدوس، بحيث يمكنه من خلالها إقامة الشركة الحبية معه، وهو ما لا يمكن حدوثه لغير المؤمنين. كما يؤكد الكتاب أن الله لا يقبل العبادة من إنسان غير مولود من روحه لأن " الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا" (يوحنا ٤ : ٢٤)، و "... ولكن إن كان أحد ليس له روح المسيح، فذلك (الشخص) ليس له (أي ليس للمسيح) ... لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (الرسالة إلى رومية ٨: ٩ و١٤). أما الولادة الروحية فلا تتم بدون الإيمان بالمسيح يسوع. والسبب في ذلك كما أسلفنا القول هو أن الروح القدس والمسيح كأقنومين يشكلان مع إقنوم الآب ذات الإله الواحد. وقد أوضح المسيح كيفية الحصول على الولادة الروحية الجديدة بالقول " ... إن عطش احد فليقبل إلي ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه. لأن الروح القدس لم يكن قد أعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجد بعد" (يوحنا ٧ : ٣٧ - ٣٩). فالإيمان بالمسيح وحده هو الذي يلد الإنسان روحيا ً “ كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله ..." (رسالة يوحنا الأولى ٥ : ١)، و" وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا ً أن يصيروا أولاد الله، اي المؤمنون بإسمه، الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يوحنا ١ : ١٢ و١٣). والروح القدس المسكوب في قلوب المؤمنين بالمسيح هو الختم الإلهي على صحة الإيمان، كما أنه عربون الميراث الأبدي للمؤمنين "... نحن الذين قد سبق رجاؤنا في المسيح، الذي فيه أيضا ً أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم، الذي فيه أيضا ً إذ آمنتم، ختمتم بروح الموعد القدوس، الذي هو عربون ميراثنا لفداء المقتنى لمدح مجده" ( الرسالة إلى أفسس ١ : ١٢ - ١٤). إذا ً، لا يمكن لأي إنسان أن يكون مقبولا ً أمام الله القدوس بدون الولادة الجديدة من روحه عن طريق الإيمان بالمسيح يسوع إبن الله.
المسيح والخلاص
الخلاص، كما هي الحال مع الحياة الأبدية والروح القدس، هو شخص المسيح يسوع إبن الله . وقد كانت أول بشارة خلاص في العهد الجديد هي إسم المسيح نفسه كما قال الملاك ليوسف خطيب العذراء مريم " فستلد إبنا ً وتدعو إسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم" (متى ١ : ٢١). فإسم "يسوع" هو إسم مركب من كلمتين بحسب اللغة العبرية تعنيان "الله مخلص ". وقد أدرك سمعان البار هذه الحقيقة بالروح القدس عندما رأى الطفل الإلهي يسوع في الهيكل مع أبويه (الأرضيين) إذ " أخذه على ذراعيه وبارك الله وقال : الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لان عيني قد ابصرتا خلاصك الذي أعددته قدام وجه جميع الشعوب" (لوقا ٢ : ٢٨ - ٣٠). وقد كان سمعان شاهدا ً على إتمام النبوة عن المسيح كمن أرسله الله لخلاص البشر قائلا له "... فقد جعلتك نورا ً للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض" (اشعياء ٤٩ : ٦). وعليه، فمن البديهي أن يكون الإيمان بالمسيح كالرب والفادي هو الوسيلة الوحيدة لنوال الخلاص كما يؤكد الكتاب "وليس بأحد غيره (غير يسوع) الخلاص لأن ليس إسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص" (اعمال ٤ : ١٢). وقد كانت الدعوة للخلاص من خلال الإيمان به، في صلب الرسالة التي كرز بها المسيح للهالكين والخطاة كقوله "أنا هو الباب. إن دخل بي أحد فيخلص، ويدخل ويخرج ويجد مرعى" (يوحنا ١٠ : ٩). فهذه الحقيقة تشكل جوهر البشارة المسيحية التي أوحى بها الروح القدس في الكتاب وكرز بها الرسل "لأنك إن إعترفت بفمك بالرب يسوع، وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت. لأن القلب يؤمن به للبر، والفم يعترف به للخلاص" (الرسالة إلى رومية ١٠ : ٩ و١٠). فها هو سجان فيليبي المرتعد يصرخ للرسول بولس ورفيقه في الخدمة سيلا " ... يا سيدي ماذا ينبغي أن أفعل لكي أخلص؟ فقالا له آمن بالرب يسوع المسيح فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال الرسل ١٦ : ٣٠ و٣١). وقد وضع الروح القدس ختم الموافقة على إيمان السجان على إعتبار أنه الإيمان الصحيح بالله، وذلك بالقول "ولما أصعدهما (السجان) إلى بيته قدم لهما مائدة، وتهلل مع جميع بيته إذ كان قد آمن بالله " (أعمال الرسل ١٦ : ٣٤). وكما كان المسيح مخلصا ً للارواح في زمن النعمة، سيكون هو نفسه مخلص أجساد المؤمنين في القيامة، عندما سيقيم بكلمة قدرته المؤمنين الراقدين، ويغير أجساد المؤمنين الأحياء في لحظة واحدة كقول الرسول بولس " فإن سيرتنا نحن هي في السموات التي منها أيضا ً ننتظر مخلصا ً هو الرب يسوع المسيح الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده، بحسب عمل إستطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء" (رسالة فيليبي ٣ : ٢٠ و ٢١). إذا ً، الخلاص أيضا ً لا يمكن الحصول عليه إلا بالإيمان بالمسيح يسوع إبن الله.
المسيح والتبرير
البر الإلهي الذي يتمتع به المؤمنون هو أيضا ً شخص الرب يسوع المسيح نفسه، الذي من دونه لا يمكن لأحد أن يقف أمام الله القدوس البار. فالكتاب المقدس يقول عن كل البشر " ... أنه ليس بار ولا واحد ... الجميع زاغوا وفسدوا معا ً. ليس من يعمل صلاحا ً ليس ولا واحد " (الرسالة إلى رومية ٣ : ١٠ و١٢). وقديما ً سأل أيوب يائسا ً “ ... كيف يتبرر الانسان عند الله؟ إن شاء أن يحاجه، لا يجيبه عن واحد من ألف " (أيوب ٩ : ٢). إلا أن الله المحب في رحمته وصلاحه ولطفه لم يترك الإنسان في يأسه مستعبدا ً للفساد والشر والهلاك، بل تدخل بنعمته ليصنع فداء للبشر من خلال ربنا يسوع المسيح "الذي أُسلم من أجل خطايانا وأقيم لأجل تبريرنا " (الرسالة إلى رومية ٤ : ٢٥). فالمسيح الذي حمل خطايا البشرية بموته على الصليب، وقام من الموت منتصرا ً على الخطية والشيطان، أصبح هو نفسه بر الذي يؤمن به أمام الله كما هو مكتوب "ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبرا وقداسة وفداء " (رسالة كورنثوس الأولى ١ : ٣٠)، و" لأنه ( أي الله ) جعل الذي لم يعرف خطية (أي المسيح) خطية لأجلنا ، لنصير نحن بر الله فيه" (رسالة كورنثوس الثانية ٥: ٢١). أما كيف يحصل الخاطىء على البر الذي يؤهله للوجود في حضرة الله القدوس، فالكتاب يقول "متبررين مجانا ً بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح، الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه، لإظهار بره، من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله. لإظهار بره في الزمان الحاضر، ليكون بارا ً ويبرر من هو من الإيمان بيسوع" (الرسالة إلى رومية ٣ : ٢٤ - ٢٦). فالإيمان بيسوع المسيح كالرب والفادي هو وحده الذي يبرر الإنسان أمام الله، ويفتح له الباب واسعا ً للتمتع بالسلام معه كما هو مكتوب "فإذ قد تبررنا بالإيمان، لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (الرسالة إلى رومية ٥ : ١). إلا أن كثيرين رفضوا البر المقدم لهم من الله مجانا ً في شخص المسيح الفادي، متمسكين ببر مرتكز على أعمال صالحة لم تكن أبدا ً لترضي الله بسبب عدم كمالها أو كمال فاعلها، أو على حفظ وصايا الناموس التي لم تقدر أبدا ً أن تنزع منهم الخطية. لذلك يقول الرسول بولس بالوحي المقدس "إذ نعلم أن الإنسان لا يتبرر بأعمال الناموس بل بإيمان يسوع المسيح، آمنا نحن أيضا ً بيسوع المسيح لنتبرر بإيمان يسوع لا بأعمال الناموس، لأنه بأعمال الناموس لا يتبرر جسد ما ... لست أبطل نعمة الله. لأنه إن كان بالناموس بر فالمسيح إذا ً مات بلا سبب" (الرسالة إلى غلاطية ٢ : ١٦ و٢١). إذا ً، لا يمكن لأحد أن يتبرر أمام الله بدون الإيمان بالمسيح يسوع إبن الله.
المسيح وغفران الخطايا
يذكر الكتاب المقدس أن خطايا البشر هي التي فصلت عرى العلاقة بينهم وبين الله القدوس كما هو مكتوب "بل آثامكم صارت فاصلة بينكم وبين إلهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع" (أشعياء ٥٩ : ٢). لذلك أصبح من الضروري جدا ً أن يحصل المرء على غفران خطاياه حتى تعود مياه العلاقة الطيبة مع الله الى مجاريها. و "لأن اجرة الخطية هي موت ... " (الرسالة إلى رومية ٦ : ٢٣)، و" ... وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة " (الرسالة إلى العبرانيين ٩ : ٢٢)، تدخل الله بمحبته ونعمته لإنقاذ البشر من خطاياهم، من خلال إرسال المسيح إلى العالم لكي يموت على الصليب ويبذل دمه الكريم نيابة عنهم، بحيث أن كل من يؤمن به ينال بإسمه غفران الخطايا كما قال الرسول بطرس لليهود بعد قيامة المسيح “إله آبائنا أقام يسوع الذي انتم قتلتموه معلقين اياه على خشبة . هذا رفعه الله بيمينه رئيسا ً ومخلصا ً ليعطي إسرائيل التوبة وغفران الخطايا " (أعمال الرسل ٥ : ٣٠ و ٣١). وهذه الحقيقة تحدث عنها جميع الأنبياء كما قال الرسول بطرس أيضا ً "له (أي للمسيح يسوع) يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال بإسمه غفران الخطايا" (أعمال الرسل ١٠ : ٤٣). وقد أصبح المسيح هو صاحب الحق الوحيد في غفران خطايا البشرية لأنه دفع أجرتها بالموت على الصليب "الذي حمل هو نفسه خطايانا في جسده على الخشبة لكي نموت عن الخطايا فنحيا للبر. الذي بجلدته شفيتم " (رسالة بطرس الأولى ٢ : ٢٤)، كما أنه بذل دمه الكريم لفداء البشر منها "عالمين أنكم أفتديتم لا بأشياء تفنى من فضة أو ذهب ... بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح " (رسالة بطرس الأولى ١ : ١٨ و ١٩). عن هذا الدم الثمين قال ربنا يسوع في الليلة التي أسلم فيها للصلب "لأن هذا هو دمي الذي للعهد الجديد، الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" (متى ٢٦ : ٢٨). وكما في كل تعاليمه، كان المسيح له المجد يدعو الناس إلى الإيمان بشخصه المبارك من أجل نوال الغفران كما قال لسامعيه من اليهود "فقلت لكم أنكم تموتون في خطاياكم. لأنكم إن لم تؤمنوا أني أنا هو، تموتون في خطاياكم" (يوحنا ٨ : ٢٤). وكذلك عندما ظهر لشاول على طريق دمشق، داعيا ً إياه لخدمته بين الأمم، يقول له " ... لأني لهذا ظهرت لك لأنتخبك خادما ً وشاهدا ً بما رأيت وبما سأظهر لك به، منقذا ً إياك من الشعب ومن الامم الذين أنا الآن أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور ومن سلطان الشيطان إلى الله، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيبا ً مع المقدسين " (أعمال الرسل ٢٦ : ١٦ - ١٨). إذا ً، لا غفران للخطايا إلا بالإيمان بيسوع المسيح إبن الله.
المسيح والدينونة
يقول المسيح عن نفسه كمن هو مساو للآب في جوهر اللاهوت مع تميزه كأقنوم في أعماله الإلهية “لأنه كما أن الآب يقيم الأموات ويحيي، كذلك الإبن أيضا ً يحيي من يشاء. لأن الآب لا يدين أحدا ً، بل قد أعطى كل الدينونة للإبن، لكي يكرم الجميع الإبن كما يكرمون الآب. من لا يكرم الإبن لا يكرم الآب الذي أرسله" (يوحنا ٥ : ٢١ - ٢٣). فالدينونة ستكون من إختصاص أقنوم الإبن الذي سيصدر شخصيا ً قرار الإدانة بحق جميع الذين "... لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا ... لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالإثم" 2(الرسالة الثانية إلى تسالونيكي ٢ : ١٠ و ١٢). إلا أن الله في رحمته ونعمته يدعو الناس في الزمان الحاضر إلى التوبة والإيمان للنجاة من الدينونة العتيدة أن تأتي على غير المؤمنين في اليوم الاخير " فالله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان أن يتوبوا متغاضيا ً عن أزمنة الجهل، لأنه أقام يوما ً هو فيه مزمع أن يدين المسكونة بالعدل برجل قد عينه، مقدما ً للجميع إيمانا ً، إذ أقامه من الأموات" (أعمال الرسل ١٧ : ٣٠ و ٣١)، و” لأنه لم يرسل الله إبنه إلى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم. الذي يؤمن به لا يدان، والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن بإسم إبن الله الوحيد. وهذه هي الدينونة، أن النور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة " (يوحنا ٣ : ١٧ - ١٩). وقد تساءل الرسول بولس بالوحي الإلهي "من هو الذي يدين؟ (وتابع مجيبا ً) المسيح هو الذي مات، بل بالحري قام أيضا ً، الذي هو أيضا ً عن يمين الله، الذي أيضا ً يشفع فينا " (الرسالة إلى رومية ٨ : ٣٤). فمن البديهي أن الذي مات على الصليب محتملا ً قصاص الدينونة بالنيابة عن جميع البشر مع أنه القدوس البار الذي بلا خطية، هو من يدين الذين إستخفوا بقيمة ما عمله من أجلهم. أما عن المؤمنين فيقول الكتاب "إذا ً، لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (الرسالة إلى رومية ٨ : ١). وهنا لا بد من الإشارة الى أهمية قبول كلمة المسيح والإيمان بها للنجاة من الدينونة، لأن المسيح وكلمته واحد، كونه هو نفسه كلمة الله "الحق الحق أقول لكم أن من يسمع كلامي ويؤمن بالذي أرسلني فله حياة أبدية، ولا يأتي إلى دينونة، بل قد إنتقل من الموت إلى الحياة" (يوحنا ٥ : ٢٤)، و" أنا قد جئت نورا ً إلى العالم حتى كل من يؤمن بي لا يمكث في الظلمة. وإن سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه (في الزمان الحاضر) لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم. من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه. الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير" (يوحنا ١٢ : ٤٦ - ٤٨). إذا ً، لا نجاة من الدينونة إلا بالإيمان بالمسيح يسوع إبن الله.
المسيح وبنوة المؤمنين لله
البنوية لله هي واحدة من البركات الروحية الرائعة التي يتمتع بها المؤمنون بالمسيح، الذين قال عنهم الكتاب "وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا ً أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون بإسمه" (يوحنا ١ : ١٢)، و" لأنكم جميعا ً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع" (الرسالة إلى غلاطية ٣ : ٢٦). وهذه البنوية لم تكن لتتم لولا الفداء الذي صنعه الله للبشر في شخص إبنه الحبيب يسوع، بحيث أصبح للمؤمنين به حق وراثة كل البركات والأمجاد الإلهية الأبدية كأبناء "ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله إبنه مولودا ً من إمرأة، مولودا ً تحت الناموس ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني. ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح إبنه إلى قلوبكم صارخا ً يا أبا الآب. إذا ً لست بعد عبدا ً بل إبنا ً. وإن كنت إبنا ً فوارث لله بالمسيح" (الرسالة إلى غلاطية ٤ : ٤ - ٧). وأن يكون المؤمنون في منزلة الأبناء، فهي مشيئة الله الصالحة التي سر أن يدعو المؤمنين إليها في المسيح "لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة إبنه، ليكون هو بكرا ً بين إخوة كثيرين" (الرسالة إلى رومية ٨ : ٢٩). وعليه، فلا يمكن أن يتمتع أي إنسان بالبنوية لله ما لم يكن "يشبه صورة المسيح" أي أنه قبل المسيح بالإيمان في قلبه فتطهر من الخطية وأصبح مبررا ً ومقبولا ً أمام الله ببر المسيح نفسه. وما يدعو إلى زيادة الشكر لله من قبل المؤمنين هو أن المسيح لا يستحي بأن يدعوهم إخوة إذ قدسهم لنفسه في دائرة البنوية لله "لأان المقدس والمقدسين جميعهم من واحد، فلهذا السبب لا يستحي أن يدعوهم إخوة، قائلا ً أخبر بإسمك إخوتي وفي وسط الكنيسة أسبحك" (الرسالة إلى العبرانيين ٢ : ١١ و١٢).
خاتمة
عزيزي القارىء، إننا بإسم ربنا يسوع المسيح إبن الله المبارك ندعوك إلى الإيمان به كالرب والمخلص الشخصي لك، لأن فداءك قد تممه المسيح على الصليب، وهو يدعوك إلى أن تفتح قلبك له بالإيمان لكي يطهرك من كل خطاياك ويمنحك الحياة الأبدية معه في المجد. فنعمة الله بإنتظارك، والمسيح لا يزال ينادي المحتاجين قائلا "هانذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب، أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤيا يوحنا ٣ : ٢٠). فإن فتحت الباب للمسيح سيدخل إلى حياتك فيطهرها ويمتعك بوليمة أفراح لن تنتهي. له المجد إلى أبد الآبدين . آمين